والأرض بعد ذلك دحاها (بقلم الفقير الي الله جيسس عبد الله)
--------------------------------------------
أولا تعالوا نستعرض بعض الأيات التي تخبر عن خلق السماوات و الأرض:
--------------------------------------------
1-في سورة الأنبياء
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)
2-الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59 سورة الفرقان
3-انظر سورة فصلت
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)
3-وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( سورة الرعد3
4-في سورة النازعات
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)
5-في سورة الحجر
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)
و في سورة ق
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)
6- في سورة الشمس
وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)
ثانيا تعالوا نستعرض خلق السماوات و الأرض من خلال الأيات السابقة:
-----------------------------------------------------------------------------
1- في البداية كانت الأرض و السماوات رتقا أي كتلة واحدة سواء أكانت الكتلة الواحدة تعني التحام السماء مع الأرض أو الكتلة تعني أن السماوات السبع كلها كانت كتلة وحدها و الأرضين كلها كانت كتلة وحدها
وهذا ما تخبرنا به الأية الأولي فيما سبق وهذا ما يوافق نظرية الانفجار الكبير في تفسير نشأة الكون
2-الأية الثانية أخبرتنا بالمجموع الزمني الكلي لخلق السماوات والأرض وما بينهما فقالت أنهم ستة أيام كل يوم يساوي الآخر في المقدار و هذا اليوم مقداره يعرفه الله وحده لأن كلمة يوم تعني مفاهيم زمنية كثيرة و لكن يجب علينا أن نعلم أن الله بقدرته جمع بين الزمن و الا زمن في خلقه للأشياء فخلق الأشياء عند الله لا يستغرق زمن انما يقول للشئ كن فيكون في لا زمن أي أنه بالنسبة لله لم يستغرق خلق السماوات والأرض أي زمن ولكن في نفس الوقت أراد الله أن يجعل الخلق بزمن بالنسبة للمخلوق فبالنسبة للمخلوق ينطبق عليه قانون الزمن ولكنه لا ينطبق علي الله
و قد قيل أن المقصود من كلمة (وما بينهما) قيل هي كل المخلوقات علي الأرض وفي الأرض و علي السماء و بين السماء و الأرض
و قيل بل المقصود بما بينهما هو الجبال والأقوات في الأرض و المطر و الأجرام في السماء
و قيل بل المقصود الانسان و الجن والحيوان في الأرض و الملائكة في السماء
3-اما الأيات في البند ثلاثه فقد فصلت مراحل خلق السماوات و الأرض فبعد أن فتق الله رتق السماوات و الأرض قام بمراحل التسوية و هي كما يلي
- أولا خلق الأرض في يومين وقيل خلق الأرض فيه مدها وبسطها وجعلها بيضاوية
- ثم جاءت مرحلة خلق الجبال و الأقوات فكانت في يومين آخرين متممين لليومين الأولين الذي خلق الله فيهم الأرض ومدها و بذلك يكون معني (في أربعة أيام ) أي أن المجموع الكلي منذ بدأ خلق الأرض حتي نهاية تقدير الأقوات هي أربعة أيام كل يوم يساوي اليوم الآخر في المقدار و هذا لأن الله لو أراد أن يضيف أربعة أيام الي مجموع اليومين الاولين لكان قال (ثم جعل فيها رواسي ) اي كان عبر بحرف العطف (ثم) بدلا من (الواو) التي تدل علي المعيه و الاصطحاب
و قيل بل الأربعة أيام هم فقط للجبال و الأقوات ولكن الأربعة أيام الذين للجبال و الأقوات هم سواء أي متساوون مع بعضهم البعض في المدة لذلك قال الله ( في اربعة ايام سواء) ولكن هؤلاء الأربعة أيام مختلفون في المدة عن اليومين الذين هم لخلق الأرض و اليومين الذين هم لخلق السماوات فالاربعة أيام الذين هم للجبال و الأقوات مقدارهم يومين من ايام خلق الأرض و أيام خلق السماء
-قيل كيف يكون هناك أيام و الأيام لا تنشأ الا من وجود الشمس الذي هي تعني ليل أو نهار رد البعض و أجابوا عن ذلك بأن المراد بستة أيام المدة التي مقدارها ستة أيام و اليوم هو فترة زمنية قد ترتبط بليل أو نهار أو قد ترتبط بمدة ساعات أو سنين و لا ينظر الي وجود ليل او نهار
و قال البعض بل خلق الله الشمس و النجوم وخلافه بعد أن فتق السماء وهذا ما ينافي النظريات العلمية التي تخبر بأن الأرض مخلوقة قبل الشمس و كما سبق و أن قلنا ان الله يخلق الأشياء في لا زمن بمجرد أن يقول (كن فيكون) و في نفس الوقت بالنسبة للمخلوق جعل قانون الزمن ينطبق عليه لأن المخلوق ليس الاها يستطيع كل شئ فلابد له من زمن ينطبق عليه حتي يستوعب الشئ.
و قيل بل حتي لو أعتبرنا أن المجموع الي الأن سته أيام يضاف عليهم يومين لخلق السماء فيصبح المجموع الكلي ثمانية أيام وهذا ما يخالف الأية السابقة التي أخبرت أن المدة الكلية كانت 6 أيام أقول: سبحان من يستطيع أن يجعل مدة الخلق ستة ايام و في نفس الوقت تكون ثمانية أيام و احتج لهذا الرأي بان الوقت يختلف طوله من شخص لآخر ومن حالة لأخري فالنائم مثلا تمر عليه الساعات كأنها دقائق أما اليقظان أو الذي يعمل تمر عليه الساعات كأنها ساعات فسبحان من يجمع بين النقيضين و له العزة
- ثم جاءت مرحلة خلق السماوات و خلقها هو بمعني رفعها وتسويتها و خلق ما فيها و قد أختلف أتم خلق الانسان والحيوان والجن مع خلق الأرض أم في آخر اليومين الذين هم للسماء أما الملائكة فقيل أنهم كانوا مخلوقين قبل خلق الأرض والسماء و قيل بل هم مخلوقين قبل غيرهم من الانس والجن والحيوان و هذا بعد انتهاء خلق السماء
-لذلك فالمجموع الكلي النهائي لخلق السماوات و الأرض وما بينهما هو ست’ ايام متساوون في المقدار و قد قال البعض أن المقصود من خلق السماوت و الأرض وما بينهما هو خلق الكون كله بكل ما فيه و قيل بل خلق السماوات و الارض والمخلوقات التي تعيش عليهما فقط أما خلق الأشياء الأخري كالكواكب و خلافه مما لم يذكر الله فغير مذكور مراحل خلقها أو مدة خلقها
و قيل بل المقصود بما بينهما هو الشمس والنجوم والقمر و الجبال و الاقوات و أن خلاف ذلك تم خلقه في مراحل أخري و في مدد أخري
-قيل أن الله خلق الكون كله معا في لا زمن بمجرد أن قال له (كن) و لكن معني (الأيام) هنا ليست الأيام الزمنية بل هي (أيام) بمعني (ابواب أو أقسام أو مباحث) لكي يشرح الله فقط ويجزئ الشرح للمخلوق عملية الخلق .
- و قد يسأل البعض سؤال و يقولون ( لماذا أخذت الأرض وحدها أربعة أيام مع أن السماء وهي اكبر و اعظم من الأرض بكثير لم تأخذ الا يومين؟) نقول هذا لو اعتبرنا أن الأرض المذورة هي الكرة الأرضية وجميع الكواكب و الأراضي لن يكون هناك أستغراب ولكني لا أحبذ هذه الاجابة و اقول للمرة الثانية أن الله حينما يخلق الشئ لا يأخذ منه زمنا لأن الله لا ينطبق عليه قانون الزمن انما في نفس الوقت جعل قانون الزمن ينطبق علي الأشياء الذي يخلقها اذن فالشئ اصلا كبر أو صغر لا يأخذ من الله أي زمن لخلقه أنما يطبق الله عليه قانون الزمن فقط لأن المخلوق ليس كالخالق المخلوق يحتاج ليستوعب الشئ يحتاج زمن أذن فالاربعة أيام التي طبقها الله علي الأرض هذا للأهتمام بأمر الأرض التي عليها المعايش أكثر من أمر السماء فالزمن هنا ليس لأن الله يحتاج الي زمن ليخلق بل الزمن هنا لمجرد استيعاب المخلوق للشئ فالأرض والسماوات مخلوقة في لا زمن بالنسبة لله و مخلوقة في ستة أيام بالنسبة للمخلوق نفسه و الله أعلم.
- حتي من قال أن المده الكليه هنا ثمانية أيام و هو لا يناقض المده التي أخبر الله عنها فيما سبق أنها ستة أيام اذ أن مفهوم المدة يتغير من حالة الي حالة ومن مخلوق الي مخلوق فالنائم مثلا تمر عليه الساعات كأنها دقائق ولا يشعر بها أما اليقظان فتمر عليه نفس الساعات كأنها ساعات كامله. فكون المدة ثمانيه أو سته تختلف من ادراك مخلوق الي آخر و من حالة الي آخري و قد سبق و أن قلنا ان الزمن لا ينطبق علي الله فالله قد خلقها دون زمن .
- قال البعض لو اعتبرنا أن الجبال و الاقوات وحدها في أربعة ايام و كل قسم أخذ يومين لوجود كلمة (سواء) اذا فان الاية لا تناقض المجموع الكلي ستة أيام لخلق السماوات و الأرض لأن الأقوات لا تحسب في مدة خلق السماوات و الأرض فيكون الله خلق الارض في يومين ثم خلق الجبال في يومين فاصبح المجموع اربعة ايام وهكذا خلق الارض نفسها لأن الجبال من الأرض و هي تربة صخرية أما الأقوات فهي ليست أرض و لا تحسب في مدة خلق الارض المقصوده في الايات الاخري فالله قال خلق السماوات و الارض فخلق الارض مع جبالها اخذ اربع ايام علي هذا الراي ثم خلق السماوات يومين فاصبح المجموع ستة ايام دون تضمين يومين تقدير الاقوات في المده و هو بذلك يوافق ما سبق
و قد يقول البعض و لكن الاية تقول ( خلق السماوات والارض وما بينهما) كلمة ما بينهما علي هذا الراي لا تعني ابدا الاقوات و لكن قد يكون الاجرام السماويه و غيرها.
4- ما معني أن الأرض دحاها بعد رفعه للسماء؟
قيل الأدحوة و الأدحية أو الدحية هي البيضة و معنا (دحاها) أي جعلها بيضاوية الشكل
و قد يقال أن الأدحوة هي المكان الذي تبيض فيه النعامة
و في منطقة نابلس يقال للعش المدور لطائر الحجل الشنار الذي يضع فيه بيضه يقال لهذا العش اسم المدحاة
فنقول لهم قد يطلق اللفظ نفسه (الأدحوة علي البيضة ) نفسها فيكون هناك مجاز مرسل فالأدحوة مكان البيضة و هنا نقصد البيضة و الله أعلم فقد يطلق اسم المكان علي الشئ نفسه و يكون مجازا كما تقول أنت علي الشئ الذي يوضع عليه الطعام أنه مائدة مع أن المائدة هي الطعام نفسه
كما أن المعاجم اللغوية أشارت أن الأدحوة أو الأدحية هي مبيض النعام في الرمل أي مكان بيضة النعامة في الرمل و البيضة عندما تضعها النعامة علي الرمل سوف يأخذ مكانها شكل كروي
(بعد) في اللغة هو ظرف مبهم لا يفهم معناه الا بالاضافة لغيره و قيل بل هو زمان متراخي عن السابق فان قرب منه قيل (بعيده بضم الباء أي بالتصغير) كما يقال (قبل) و اذا قرب يقال (قبيل) بالتصغير.
قيل المعني من (بعد ذلك دحاها) أي مع ذلك دحاها مثل قوله تعالا (عتل بعد ذلك زنيم) اي عتل مع ذلك زنيم
وعلي هذا الرأي يكون معني (بعد) هنا هو (المعية) اي (مع) وهنا نتسائل هل (المعية) تعني أن دحو الأرض بعمني أخراج الماء والمرعي منها كان مع بناء السماء ؟ أم ان (المعية )هنا تشير الي أن كل الكون خلق معا في لا زمن بمجرد أن قال الله للكون (كن ) فكان؟ أم أن معني (مع ذلك دحاها) أي مع ذلك كان قد دحاها؟ و الاجابة طبعا هي أن كل ما سبق محتمل.
-قال البعض (بعد) هنا لا تعني البعديه بالنسبة لله انما البعدية بالنسبة للمخلوق فالله كما قلنا خلقهاهم كلهم في لا زمن بمجرد أن قال (كن فكانوا) طبعا قالها في لازمن اما المخلوق فلكي يستوعب الخلق فقد أجري الله عليه قانون الزمن و لذلك فبعد هنا لا تعني أن الدحو حدث بعد الرفع انما خلق الكون كله تم معا و في لا زمن اما (البعدية) هنا فقط هي بعدية نسبية تجري ليستوعب المخلوق فقط ما حدث و سبحان من يجمع الشئ ونقيضه في آن واحد فيجمع الا زمن مع الزمن . اذا (البعدية)و الترتيب) أتي الله به فقط ليشرح للخلق كيف خلق الكون و ليس شئ هناك شئ خلق قبل أو بعد شئ انما خلقوا جميعا في لا زمن و الترتيب فقط جاء علي سبيل التمثيل و الترتيب فقط للسرد والشرح و ليس للترتيب الزمني.
و معني ما سبق هو ( أن الله خلق الكون كله في لا زمن و في نفس الوقت أجري قانون الزمن علي الشئ الذي يخلقه)
أو يكون المعني ( أن الله خلق الكون كله في لا زمن وانما جاء بذكر الايام وتفصيل الخلق في شكل أيام للترتيب في شرح الخلق فقط و ليس لأن الخلق أخذ فعلا مده زمنيه و هو كما تقول عندما تريد أن تشرح معلومة كبيرة تقوم بتقسيمها الي أقسام في الشرح كي يستوعبها المخلوق فقط و بهذا تكون معني (الايام) في الايات هي (اقسام أو مباحث للترتيب الشرح فقط) و الله أعلي و أعلم.
و قيل بل معني (دحاها ) أي اخرج منها الزروع والمياه التي كانت في باطنها وهنا لا نجد اشكال لأن اخراج الشئ يكون بعد الانتهاء من الخلق فيكون الستة ايام كانوا للخلق ثم بعد انتهاء الخلق قام الله باخراج ما في باطن الأرض و هذا قول ابن عباس و جاء في تفسير الكشاف ( دحاها « بسطها ومهدها للسكنى ثم فسر التمهيد بما لا بد منه في تأتي سكانها من تسوية أمر المأكل والمشرب وإمكان القرار عليها والسكون بإخراج الماء والمرعى وإرساء الجلال وإثباتها أو تادا لها حتى تستقر ويستقر عليها.)
و قيل بل معني (دحاها) أي مدها وبسطها و جعلها بيضاوية و هنا نقول أن كلمة (بعد) لا تعني أن المد كان بعد خلق السماوات ولكن كلمة بعد كما قلنا تعني (مع) أي أن الأرض مع ماقيل من رفع السماء كان قد مدها
أو يكون المعني أن الأرض مع بناء السماء ورفعها قد أخرج الله منها ماءها ومرعاها
وقيل بل المقصود من (بعد ذلك ) اي بعد هذا الكلام أي البعدية ليست الا في ذكر الكلام وهو كما تقول في الخطبة (اما بعد) للتبيه فقط علي أنه بعد الكلام عن فضل الله في خلق ورفع السماء ياتي الكلام الذي بعده عن فضل الله في مد الأرض فالبعدية ليست في المدة ولكن في ذكر الأفضال و الكلام فقط
- قيل معني (بعد ذلك ) أي بالاضافة الي ذلك يعني البعدية هنا ليست الا اضافة الي كلام و ليس اضافة الي زمن اي أن الله يعدد في ذكر نعمه فقال بالاضافة الي نعمة رفع السماء فهناك نعمة دحو الأرض.
و قيل بل معني ( بعد ذلك) البعدية هنا هي بعدية تنازلية فالرقم مثلا 6 يأتي بعده الرقم 5 لو قمت بالعد تنازليا فالبعدية هنا هي من الشئ الذي حدث آخرا الي الشئ الذي حدث أولا
و قيل بل معني دحاها اي بث فيها الحياة ومد الحياة فيها فالمد هنا الذي حدث بعد خلق السماء وبنائها ليس هو المد الأول الذي حدث مع خلق الأرض فالمد الثاني هو مد الحياة و الاحياء في الأرض أما المد الأول فهو بسط الكرة الأرضية وجعلها بيضاوية وقيل بل المد الأول هو أن جعل الأرض مبسوطة أمام الناظر رغم انحدار الجسم الكروي عند نقط محددة و رغم ذلك فمهما ذهبت لأي مكان فيها وجدتها ممدودة أمام نظرك دون انحدار كروي مع أنها كروية الشكل
و قيل بل المقصود من هذه الأية هو (بناء السماء ) و ليس خلقها و تسويتها الي سبع سماوات كما في الترتيب السابق يعني المقصود هنا أن الله بعد أن سوي الأرض في يومين مع مدها ثم سوي الجبال و الأقوات في يومين ثم سوي الجبال سبع سماوات فاصبح العدد الكلي ستة أيام بالنسبة للمخلوق لا بالنسبة للخالق بعد هذا كله في مرحلة تالية لا تشملها مدة الستة ايام السابقة قام الله ببناء السماء أي تمهيدها فمن ضمن معاني البناء هو التمهيد والزيادة فيها فالله بعد ذلك قام بزيادة بناء السماء و تمهيدها فانت مثلا تقول عندما تبني دور جديد في بيتك أنا أبني بيتي و ليس قصدك أنك تبنيه من البداية ولكن قصدك أنك تزيد فيه بالبناء وهكذا فان بناء الله للسماء هو بالزيادة في طولها هي نفسها لا في عددها و تمهيدها أو ممكن القول أن بناء السماء كان بخلق الملائكة لأن تعمير الشئ يكون ببث الأحياء فيه فيصبح مبني لا خرب و لذلك يقال علي الرجل لما يتزوج امرأة أنه بني بها أما الشئ التالي لذلك فهو دحو الأرض أو ما يسمي بطحوها وهو اما مد الحياة فيها والخلائق او يكون بمعني اخراج الماء والمرعي التي فيها
و قيل بل معني بناء السماء في هذه الأية أي فصلها عن الأرض بعد أن كانت ملصوقة في الأرض فبهذا فقد بنا السماء اي جعلها مبنية منفصلة عن الأرض لها كيانها الخاص و بذلك يكون دحو الأرض أي اخراج ماءها أو حتي مد الأرض هو بعد بناء السماء أي فصلها عن الأرض ورفعها كسماء للكون
5-في البند سته أخبر الله أنه طحا الأرض فما معني طحاها؟
قيل معني طحاها هو نفسه معني دحاها أي مدها و بسطها أو أخرج منها الماء والمرعي و الأقوات
و قيل بل المعني وما خلق فيها و قيل بل معني طحاها أي قسمها و رتبها و نظمها
----------------------------------------
ثالثا: سيناريوهات محتملة حسب ما سبق لخلق الكون(السماوات و الأرض)
و السيناريوهات القادمة هي من محض خيالي بناءا علي ما تقدم من معاني و لا تلزم أي طرف بتقبلها كحقيقة وانما هو مجرد رأي قد أخطئ فيه و قد اصيب
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
السيناريو الأول:
------------------
1- السماء والأرض كانتا كتلة واحدة ففصلها الله عن بعضهما البعض
2-نقل قدرته الي الأرض فقام بتسويتها و مدها وجعلها كروية في يومين
3-قام بخلق الجبال و الاقوات في يومين
4-نقل قدرته الي السماء التي كانت ملصوقة في الارض والتي كان سمكها كبير فقام بتجزئتها الي سبع سماوات ورفع بعضهم فوق بعض في مدة يومين فاصبحت المدة الكلية هي ستة ايام
5-قام الله ببناء السماء أي بمعني خلق الملائكة أو بزيادة طول السماوات أو بتمهيد السماوات السبع وجعلها مؤهلة وهذا البناء اما مع رفع السماوات في المدة التي كانت يومين أو هو بعد انقضاء الستة ايام المذكورين فيما سبق
6- قام الله بدحو الأرض أو طحوها و هو اخراج ما فيها من كنورز و أقوات ومراعي وماء وهذا طبعا لا يدخل في مدة الخلق السابقة لان اخراج الشئ غير خلقه
------------------------------------------------------------------------------------------
السيناريو الثاني:
-----------------------
1-السماوات السبع كلهن كانوا كتلة واحدة و الأرضين كلها كاتنوا كتلة واحدة ولكن السماء والأرض لم يكونا ملتصقتين
2- وجه الله ارادته الي الأرضين فجعلهن كواكب و اجرام فقيل في البداية كانوا سبع ارضين وومنهم انفصلت باقي الكواكب و الاجرام وقيل بل جعل الأرض نفسها سبع طبقات وع ذلك دحا الأرض أي مدها وجعلها كروية و قيل بل دحاها بمد الحياة فيها وخلق البشر و الحيوان و الجن ويصبح معني (بعد ذلك دحاها) ليس هو البعدية بعد خلق السماء وانما البعدية في الكلام عن أفضال الله فكانت المدة يومين أو أن البعدية هي بعدية العد التنازلي فمد الأرض يأتي طبعا بعد بناء السماء بمعني جعلها سبع سماوت وهذا اذا كانت طريقة العد تنازليا أي من الأكبر للأصغر
3-ثم القي الله في الأرض رواسي وقدر الأقوات في يومين مثل يومين تسوية الأرض أو في أربعة أيام كل يوم فيهم يساوي نصف اليوم الذي في تسوية الأرض
4- نقل الله ارادته الي السماء التي كانت كبيرة السمك والكتلة فجزاها و سواها سبع سماوات وقد يقال أن رفع السماوات و جعلها سبعة هو نفسه بناء السماء لأن الرجل اذا رفع الشئ فوق الشئ يقال أنه نظمه وبناه وقد يقال بخلق الملائكة والجن والحيوان والبشر في آخر اليومين الذين هم لتسوية السماء او ليس فيهم باعتبار أن خلق الملائكة و الجن والبشر لا يدخل في موضوع ولا في مدة خلق السماوات و الأرض
-----------------------------------------------------------------------------------------
السيناريو الثالث
----------------------------
1-السماء كانت ملصوقة في الأرض فقام الله بفصل السماء عن الأرض و رفعها فوق الأرض و بهذا الفصل والرفع يعتبر بناء للسماء و لذلك عبر الله في الأية اأية وقال
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30)
فلم يقل( السماوات بناها) بل قال (السماء بناها) لأن في البدء كانت سماء واحدة بكتلة وسمك كبير و معني رفع الله سمكها هنا أي أخرج سمكها و كتلتها التي كانت ملزوقة في سمك الأرض و كتلة الأرض فأخرج الشئ أي فصله عن غيره أما معني أغطش ليلها و أخرج ضحاها هو ليل و ضحي للسماء وليس ليل وضحي للأرض فليل وضحي الأرض نابع من وجود الشمس أما ليل السماء و ضحي السماء والذي يكون نابع من تنوير الله لما فوق السماء أو تنويره و اظلامه للسماء نفسها دون الأرض
و قيل بل لما فصل الله السماء عن الأرض كان هناك مع السماء الشمس و القمر و النجوم وكافة الاشياء مما جعل هناك ليل ونهار قبل حتي االانتقال الي الارض لتسويتها و هذا رأي قد يكون ضعيف علميا لان الأرض أقدم وجودا من الشمس ووجود الشمس ضروري بعد عمل السبع سماوات لكي يدحو الله الأرض أي يخرج النبات لان اخراج النبات ونموه يحتاج الي الطاقة الضوئية.
و طبعا مختلف في تحديد عمر الأرض المنقضي فالبعض قالوا هو 4.4 مليار سنه و قال آخرون هو 4.5 مليار سنة و قال البعض بل هو 4.6 مليار سنة و قال البعض بل عمر الأرض مجرد 6000 عاماً و برروا قولهم هذا بأن المقياس الراديومتري الذي تم اخراج أن عمر الأرض المنقضي هو 4.6 مليار سنه هو مقياس غير كفء اذ أنه مبني علي استنتاجات غير دقيقة، بينما أن القضية مع المقياس النسبي أنه غير مباشر. أما عمر الشمس المنقضي فقيل هو 4.6 مليار سنه و قيل بل هو 4.5 مليار سنه اذن فالأمر مختلف فيه .
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)
فمعني يغشي اليل النهار ليس ل يس هو بداية خلاق الليل والنهار وانما جعل الله تتابع اليل والنهار بمقدار وقتي ثابت وتتابع وقتي ثابت
و قال البعض بل كانن خلق الشمس بعد خلق السماوات السبع و بذلك يكون الضحي واليل كما سبق وان قلنا اما كناية فنية كما سيأتي أو هو ضحي وليل للسماء نفسها دون غيرها لتنوير واظلام السماء وهذا النور يجعله الله بقدرته
وقيل بل معني (أغطش ليلها و أخرج ضحها) هي جملة فنية لا يقصد منها ظاهر الكلام وانما المعني أن الله بفصلها عن الأرض وجعل لها كيانها المستقل فكانما فتح باب السعد علي السماء بجعل لها كيانها المستقل و بتحريرها عن الأرض و بذلك فقد اغطش ليلها أي أزال و اغفل ظلمة تبعيتها للجسم الكلي و بهذا أيضا قد أخرج ضحاها اي اخرجها من التبعية للجسم الكلي وبهذا يكون الله قد أخرج ضحي السماء بجعلها سماء لها كيانها الخاص والذي هو بداية لتسويتها بعد ذلك الي سبع سماوات و لأن الضحي هو أول اليوم فكذلك فضحي السماء هو بداية يومها بتحررها عن الكتلة الكلية و بداية استقلالها و فيما بعد تسويتها فهذا التعبير في هذا الرأي هو تعبير فني بلاغي لا غير لا يقصد منه ظاهره أي لا يقصد الضحي والليل بل يقصد منه معني مجازي كناية عن بداية الاستقلال و أنت كمثال لذلك تقول عن الوطن لما يتحرر( زالت ظلمة الوطن و جاء ضحاه)
2-نقل الله قدرته الي الأرض فسواها في يومين ومدها وبهذا ياتي المد بمعني الدحو أو يكون الدحو هو اخراج الماء والمرعي ولا اشكال الأن في مجئ الدحو بعد بناء السماء اذ اننا علمنا أن بناء السماء هنا بمعني رفع سمكها وفصلها عن الارض
(رفع سمكها فسواها) أي رفع سمكها عن السمك الكلي للجسم المرتوق ثم قام بتسوية هذه السماء المرتوقه وهو ما يسمي يالتسوية الأولي للسماء
3-طبعا قلنا أن بعد التسوية الأولي للسماء ببنائها ورفع سمكها عن الأرض قام الله بتسوية الأرض ثم بعد ذلك نقل الله قدرته الي السماء المرتوقة عن الأرض فقام بتسويتها سبع سماوات وهذا ما يسمي بالتسوية الثانية للسماء وجعل فيها أيضا الشمس والقمر وكافة شئ و قيل بل الشمس و القمر وهذه الاشياء ليست معني في خلق السماء و الارض ولهم مراحل غير هذه لم يشاء الله ذكرها
--------------------------------------------------------------
السيناريو الرابع (السيناريو العلمي)
--------------------------------------
لقد ذكر القرآن الكريم في كثير من آياتـه أن الله تعالى
خلق الكون في ستـة أيان كمـا في قوله سبحانـه:
"و لقدخلقنا السماوات و الأرض في ستة أيام و ما مسنا من لغوب"سورة ق 38.
أما عن الأيام فالمقصود بها مراحل أو حقب زمنية لخلق الكون
و ليست الأيام التي نعدها نحن
البشر بدليل عدم وجود عبارة " مم تعدون " في جميع الآيات
التي تتحدث عن الأيام الستة للخلق كما في قوله تعالى:
" و هو الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام "سورة هود 7.
"و الله الذي خلق السماوات و الأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم
من دونه من ولي و لا شفيع أفلاتتذكرون يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في
يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون"سورة السجدة 4 ـ 5
و هنا نلاحظ أن اليوم في السجدة آية (4) يمثل مرحلة من مراحل الخلق
أما اليوم في الآية (5) فهو من آياتنا التي نعدها بطلوع الشمس كل يوم
و السؤال الآن هو ما هي هذه الأيام أو المراحل الستة
و كيف يمكن تقسيمها كونياً ؟؟
و العلم يقدر عم الكون بين 10 ـ 20 مليار سنة.
الإشارة القرآنية:
قالتعالى : "قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق "سورة فصلت 9ـ 12.
طبقاً لهذه الآيات فإن الأيام الستة للخلق قسمت كما أجمع المفسرون
إلى ثلاثة أقسام متساوية كل
قسم يعادل يومين من أيام الخلق بالمفهوم النسبي للزمن.
أولاً :يومان لخلق الأرض من السماء الدخانية الأولى(خلق الأرض في يومين ) و يقول تعالى:
(أولم يرى الذي كفروا أن السماوات و الأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) سورة الأنبياء 30.
ثانياً :يومان لتسوية السماوات السبع :
"ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقضاهن سبع سماوات في يومين"
و هذا يشير إلى الحال
الدخانية للسماء بعد الانفجارالكوني العظيم بيومين
حيث بدأ تشكل السماوات فقضاهن سبع سماوات في يومين .
ثالثاً : يومان لتدبير الأرض جيولوجياً و تسخيرها للإنسان
قال تعالى : " و جعل فيها رواسي من فوقها"
مما يشير إلى جبال نيزكيه سقطت و استقرت في البداية
على قشرة الأرض فور تصلبها بدليل قوله "من فوقها"
" و بارك فيها أقواتها " أي قدر أرزاق أهلها .
"في أربعة أيام سواء للسائلين"أي تمام أربعة أيام
كاملة متساوية بلا زيادة و لا نقصان
للسائلين من البشرعن مدة خلقها و ما فيها و يرى جميع المفسرين
أن هذه الأيام الأربعة تشمل
يومي خلق الأرض و يومي التدبير الجيولوجي لها و يتضح مما سبق:
1) تساوي الأيام زمنياً و إلا لما أمكن جمعها وتقسيمها إلى ثلاثة مراحل متساوية.
2) التدبير الجيولوجي للأرض حتى وصول السائلين (الإنسان) أستغرق يومين من أيام الخلق الستة أي أستغرق ثلث عمر الكون.
و حيث أن التدبير الجيولوجي للأرض منذ بدء
تصلب القشرة الأرضية و حتى ظهور الإنسان قد
استغرق زمناً قدره 4.5 مليار سنة طبقاً لدراسة عمر الأرض إذاً
عمر الكون =4،5 * 3= 13،5 مليار سنة و هذا الرقم
يقارب ما توصلت إليه وكالة الفضاء الأمريكية ناسا مؤخراً و ذلك
باستخدام مكوك فضائي مزود بمجسات متطورة جداً لدراسة الكون
حيث قدرت عمر الكون بـ 13،7 مليار سنة
==========================================================
بهذا القدر قد أوفيت الموضوع ولكني أريد أن أتبع هذا المقال بالحوار الذي دار بيني وبين الزميل (سمير فوزي في هذا المجال)
يتبع
يتبع
عدل سابقا من قبل jesus_abdallah في 2nd نوفمبر 2009, 5:31 pm عدل 11 مرات