الحمد لله القائل (( أم حسبتم أن تتركوا ولما
يعلم الله الذين الجاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين
وليجة والله خبير بما تعملون )).
مثلك أيها
العاصي (( نفسي )) كان قديماً يقود الأمم، وأنت مازلت في شهوات الأطفال تلعب.
تعصي الإله
وأنت تعلم أنه يراك، فيا لقبح ما في قلبك من قسوة، ويا لقبح ما في عقلك من فكرة،
ويا لقبح نفس طاوعتك في مثل هذا الجرم، تعلم أن الإله يراك وتبارزه بما لا يرضى.
فيا ويلك أيها
العاصي إن لم تتب، بل يا ويلك إن لم تقد هذه الأمة إلى ما يرضي الله تبارك وتعالى.
لقد أعطاك ما
يؤهلك لهذه المهمة الكبرى، والعجيب أنك مازلت كما أنت من سنين، بل الذي يحزن القلب
أن ظاهرك يوحي أنك قد تغيرت ليس بيسير.
فاتقي الله
فإن مثلك – بل وأصغر – يقود الجيوش، ويرفع الرايات، ويؤسس المؤسسات، وينجز مشاريع
ومهام، ويموت وهو في سنك أو أكبر بقليل، وقد وضع بصمة له في هذه الحياة يذكر بها
إلى ما شاء الله.
وأنت مازلت في
شهواتك تلعب كالأطفال، وإن من الأطفال لمن هو أفضل منك، بل إن لم يكن جميعهم أفضل
منك.
أيها العاصي
تب. بل يجب أن تتوب، وانطلق إلى الله مخلصاً له الدين ولو كره الكافرون.
نعم، الذين
نصبوا كل الفخاخ لك، لكي تكون كما أنت عليه بل أسوأ، وكذلك العدو الأكبر؛ الذي كلما
تقدمت خطوة حاربك بكل ما لديه، وهذا ليس بعجيب، فهو يعلم تمام العلم أنك إذا
انتصرت في هذه المعركة لكان فتح عليك مبين. ولهاجمته بين صفوف أولياءه، ولأنجزت
مهمتك التي كلفك الله بها لهداية الخلق.
فخذها مني كما
هي طازجة، ولا تتركها تبرد فتجف وتدبل، إنها الحياة العراك الأكبر، والامتحان الأعظم،
فهيا هيئ الحياة من حولك، وخذ العتاد لخوض المعركة بكل قوة وثبات، ودعك من هذه
الذنوب المعوقة الكاسرة بل المدمرة.
اصبر يا اخي
فإنك أمل هذه الأمة الباقي، وبك يكون المستقبل؛ الذي يرجى أن يكون حالنا فيه غير
هذا الحال؛ الذي نعيشه بما يحيطه وبما يكونه ويدفعه من الذل والهوان، والشهوات
والشبهات، والفساد الذي ملأ الأرض والماء والهواء.
فاصبر عن
شهوة، واقمع شبهة، واطلب علم، وكن في هذه الدنيا عابداً زاهداً ورعاً، ونظم الحياة
حولك، وأبعد مصادر الشهوات والشبهات، وحدد هدفك، وانجزه وخض من أجله المعارك، فإنك
أمل هذه الأمة الأقرب.
والحمد لله رب
العالمين القائل: (( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم
فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )).