الرد علي ملحد الي آخر العمر
==========================================
ملحد الي آخر العمر: هل تعلم أن رسولك نسي بعض من القرآن و عندي دليلين علي ذلك
الأول : ما جاء في سورة الأعلي الأية 6 و بعض من الأية 7
سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ الله
و الثاني:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعَ النَّبِيُّ
قَارِئًا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فِي الْمسْجِدِ فَقَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَة كَذَا وَكَذَا. وفي رواية: أُنْسِيتُها
رواه البخاري في صحيحه، انظر صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري (5/312) كتاب الشهادات ح: 2655، و(8/702-705) كتاب فضائل القرآن ح:5037،5038،5042، و(11/140) كتاب الدعوات ح: 6335، ورواه مسلم في صحيحه، صحيح مسلم بشرح النووي كتاب صلاة الْمسافرين، باب الأمر بتعهد القرآن (6/75)، وأبو داود في سننه: كتاب الصلاة - باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل (2/37) ح: 1331، وفي أول كتاب الحروف والقراءات (4/31) ح: 3970
فما رأيك؟
عبد الله:
لنأتي الي الأية الأولي و هي
------------------------------------
سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ الله
-يجب أن تعلم أن (لا) هنا هي (لا النافية) و ليست (لا الناهية) لأن الفعل (تنسي) السين فيه مشبعة أي حرف العلة الياء بعده موجود و لو كانت (لا) هنا هي (لا الناهية) لكان حرف العلة محزوف لأن لا الناهية تجزم المضارع المعلول الآخر بحزف حرف العلة مع العلم بأن البعض قالوا أن (لا هنا هي لا الناهية) أما بقاء حرف العلة فكان لتوافق رؤوس الآي و لكن هذا القول مردود نحويا
اذن (لا) هنا هي (لا النافية) التي تنفي نسيان النبي لأي شئ من القرآن و الفعل المضارع (تنسي) يكون للحال و للاستقبال اي هو للوقت الحالي و للوقت المستقبل كمثال قولك (ربما يقتل عادل زميله سمير) فيقتل هنا فعل مضارع لكنه يعبر عن المستقبل
- الأمر الآخر ما معني الاستثناء في (الا ماشاء الله)؟
-قيل هو استثناء صوري أي مجرد استثناء مذكور لكنه لم يحدث و لن يحدث أي أن الله يقول (سنقرأك فلا تنسي يا محمد و لن تنسي الا ماشاء الله و لكنه لن يشاء أن تنسي)
قال الفراء:لم يشأ أن ينسى شيئًا، وهو كقوله: } خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك { ولا يشاء،
فالمؤمنين سيخلدون أبدا في الجنة ولن يخرجوا و لكن قوله (الا ما شاء الله) هو لذكر فقط أن أمر خروجهم من الجنة يكون بمشيئة من الله و لن تكون هذه المشيئة لأن الله انعم عليهم بمشيئة ضدها و هي مشيئة بقائهم في الجنة
و هو كقولك (خذ ما تريد الا ما شئت أنا ) و أنت تشاء أن يأخذ كل شئ
فمشيئة الله ألا ينسي النبي لأجل حفظ القرآن و عدم ضياعه و طالما أن مشيئته هي الا يضيع القرآن و ألا ينسي و يضيع نبيه القرآن فان مشيئة أن ينسي لن تحدث
قال تعالي (انا علينا جمعه و قرآنه)
إن الاستثناء في الآية معلق على مشيئة الله إياه، ولم تقع الْمشيئة، بدليل ما مر من قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ { ، ولأن عدم حصول الْمعلق عليه يستلزم عدم حصول الْمعلق، ويستحيل أن تتعلق مشيئة الله بعدم بلوغ رسالته
سيسألني البعض و يقولون و ما دليلك أن الله مشيئته الا ينسي النبي بمعني يضيع شئ من القرآن؟
أقول دليلي هذه الأيات
ورد في سورة الحجر
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)
فمشيئة الله بأن يحفظ القرآن و أن لا يضيع و طالما هذه هي مشيئته فحتي لو نسي النبي يكون اما نسيانا مؤقتا أو نسيانا بعد التبليغ و الكتابة و حفظ الصحابة له
و هنا يسأل البعض و يقول و ما دليلك أن (الذكر ) المقصود هو القرآن؟
أقول القرآن من ضمن اسمائه (الذكر) علي خلاف الكتب السابقة فلم يأتي أي دليل علي أن من اسمائها (الذكر) و لو اتعب السائل نفسه قليلا و قرأ الأية 6 من نفس السورة أي سورة الحجر لعرف أن (الذكر) هو القرآن و اليكم الأية
وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)
اي أن المشركين قالوا للنبي محمد عليه الصلاة والسلام قالوا له (يا أيها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون)
و اليك دليل آخر أن القرآن اسمه (الذكر) في سورة النحل
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)
أي أنزلنا اليك أنت الذكر يا محمد
و هذا رد علي من أدعي أن (اهل الذكر ) أي أهل التوراة أو الانجيل اذ أن الله أعقب بالأية التي تقول ( و أنزلنا عليك الذكر ) اذن فالذكر هو الذي أنزله الله علي النبي عليه الصلاة والسلام و لذلك فأهل القرآن هم أهل الذكر
عن أحمد بن محمد الطوسيّ، قال: ثني عبد الرحمن بن صالح، قال: ثني موسى بن عثمان، عن جابر الجعفيّ، قال: لما نزلت( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال: عليّ: نحن أهل الذّكر.
و عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال: أهل القرآن، والذكر: القرآن. وقرأ( إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ).
أما ما قيل في شأن أن (أهل الذكر ) هم أهل التوراة أو الانجيل فهو تاويل لا دليل عليه واليكم ما جاء في ذلك
عن بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) يقول فاسألوا أهل التوراة والإنجيل
أما ما ورد في سورة الأنبياء
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)
فأن أهل التأويل قالوا في ذلك
عن القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، في قوله( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ ) قال: قرأها الأعمشالزُّبُرِ) بالجمع و قال: الزبور ، والتوراة ، والإنجيل ، والقرآن ،( مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: الذكر الذي في السماء .
جاء في تفسير الطبري:
اختلف أهل التأويل في المعنيّ بالزَّبور والذكر في هذا الموضع ، فقال بعضهم: عُني بالزَّبور: كتب الأنبياء كلها التي أنزلها الله عليهم ، وعُني بالذكر: أمّ الكتاب التي عنده في السماء.
و هو القول المأخوذ
و لو أعتبرنا أن (الذكر ) هنا هو القرآن فكيف يكون القرآن قبل الزبور؟
نقول قد يكون القرآن عند الله هو أول الكتب كتابتا عنده و قد يكون البعدية هنا هي البعدية في العد تنازليا فالرقم 6 يأتي بعده الرقم 5 اذا كان عدك تنازليا
و قد تكون (من بعد) هنا للاشارة الي كتاب آخر غير الذي بين يديك و هي تكون هنا بهذا المعني بمعني (غير) فيكون المعني (و لقد كتبنا في الزبور- غير الذكر الذي بين يديك - أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)
أو يكون (من بعد) بعني (بالاضافة الي) أو (مع) لأن البعدية لا تكون الي باضافة شئ علي شئ و جمعه عليه اذن يصبح المعني ( و لقد كتبنا في الزبور بالاضافة الي القرآن)
و قد تكون البعدية هنا هي بعدية في القيمة فالقرآن قيمته أكبر من أي كتاب قبله
غير أن هناك من قال أن (الذكر) المقصود هنا هو التوراة
عن محمد بن سعد ، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) ... الآية ، قال: الذكر: التوراة ، والزبور: الكتب.
و لكن الامام الطبري علق في آخر هذه الأراء و قال:
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في ذلك ما قاله سعيد بن جبير ومجاهد ومن قال بقولهما في ذلك ، من أن معناه: ولقد كتبنا في الكتب من بعد أمّ الكتاب الذي كتب الله كل ما هو كائن فيه قبل خلق السماوات والأرض ، وذلك أن الزبور هو الكتاب ، يقال منه: زبرت الكتاب وذَبرته إذا كتبته ، وأن كلّ كتاب أنزله الله إلى نبيّ من أنبيائه ، فهو ذِكْر . فإذ كان ذلك كذلك ، فإن في إدخاله الألف واللام في الذكر ، الدلالة البينَة أنه معنيّ به ذكر بعينه معلوم عند المخاطبين بالآية ، ولو كان ذلك غير أم الكتاب التي ذكرنا لم تكن التوراة
بأولى من أن تكون المعنية بذلك من صحف إبراهيم ، فقد كان قبل زَبور داود.
فتأويل الكلام إذن ، إذ كان ذلك كما وصفنا: ولقد قضينا ، فأثبتنا قضاءنا في الكتب من بعد أمّ الكتاب ، أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ، يعني بذلك: أن أرض الجنة يرثها عبادي العاملون بطاعته ، المنتهون إلى أمره ونهيه من عباده ، دون العاملين بمعصيته منهم المؤثرين طاعة الشيطان على طاعته.
طبعا مختلف في المقصود من (الأرض) في الأية فقيل هي أرض الجنه يرث المتقون أماكن الفجار و التي كانت ستكون لهم لولا دخولهم النار فورثها المتقون و قيل بل (الأرض) هي الأرض المقدسة و الأماكن المباركة عند الله في الأرض و قيل بل المقصود هي الأرض نفسها أي أرض الدنيا
لماذا سمي القرآن بالذكر؟ فيه أراء كثيرة يمكن الجمع بينها جميعا أذكر منها أنه فيه ذكر لله و فيه ذكر من كان قبلنا و خبر ما بعدنا
تعالا نرجع مرة أخري الي أن الاستثناء في الأية ( سنقرأك فلا تنسي الا ما شاء الله )هو استثناء شكلي فقط و هذا يثر سؤالا ( ما فائدة الاستثناء الشكلي أو الصوري هنا؟)
قيل الاستثناء جاء فقط لمجرد التبرك و لذكر حقيقة هي أن عمل الشئ أو عدم عمله هو بمشيئة من الله
وقيل إن الحكمة في هذا الاستثناء الصوري أن يعلم العباد أن عدم نسيان النبي
القرآن هو محض فضل الله وإحسانه، ولو شاء تعالى أن ينسيه لأنساه، وفي ذلك إشعارٌ للنبي
أنه دائمًا مغمور بنعمة الله وعنايته، وإشعار للأمة بأن نبيهم مع ما خُصَّ به من العطايا والخصائص لم يخرج عن دائرة العبودية، فلا يُفْتَنُون به كما فُتِنَ النصارى بالْمسيح
- وقيل أن الاستثناء في (
سنقرأك فلا تنسي الا ما شاء الله) هو استثناء حقيقي و هو عند من قالوا بهذا يعني الأشياء التي يريد الله فيها النسيان لأنها منسوخة تلاوتا و لفظا و أنا لست مع هذا الرأي اذ أني أعتبر أن القرآن ليس فيه منسوخ لفظا و أن المنسوخ فيه باقي لفظا
و جاء في تفسير الطبري رحمه الله
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) }
يقول تعالى ذكره إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ ) وهو القرآن( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) قال: وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل مَّا ليس منه، أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه ، والهاء في قولهلَهُ) من ذكر الذكر.
و هذا ما اقول به أنا أيضا أن القرآن ليس فيه شئ أسمه منسوخ التلاوة و انما قد ينسخ الله و ينسي نبيه فقط ما هو ليس بقرآن
- و قيل أن الاستثناء هنا حقيقي و لكن المقصود من الانساء هنا هو أن ينسي الله النبي الشئ الذي يلقيه الشيطان في نفسه و هو ان الشيطان قد يوحي الي النبي بأن بعض الأدعية أو الأحاديث هي آيات من القرآن فيختلط عليه الأمر فينسخ الله هذه الأشياء أي ينسخها لفظا لأنها ليست من القرآن قال تعالي في سورة الحج
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)
فتمني النبي يكون بكلام الله و بأحكامه
- و قيل أن الاستثناء حقيقي و أن ما ينسيه الله للنبي هو بعد أن يبلغ الأيات و بعد كتابتها فنسيانه لها هنا مؤقتا لا يعيب في أمر تبليغه و انما هو ما جبلت عليه الطبيعة البشرية و لتبيين أن النبي بشر
- و قال آخرون ان معني (النسيان ) هنا هو الترك أي يصير المعني ( سنقرأك فلا تترك العمل ببعض الأيات الا أن يشاء الله) فترك العمل بحكم أية لنسخها حكما وليس لفظا لا يعني أن الأيات غير موجوده بل هي موجودة ولكن لم يعد يعمل بحكمها
قال الطبري: وقال آخرون: النسيان في هذا الْموضع: الترك، قالوا: ومعنى الكلام: سنقرئك يا محمد، فلا تترك العمل بشيء منه، إلا ما شاء الله أن تترك العمل به مِمَّا ننسخه
لنأتي الي الدليل الثاني و هو الحديث التالي
-------------------------------------------------
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعَ النَّبِيُّ
قَارِئًا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فِي الْمسْجِدِ فَقَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَة كَذَا وَكَذَا. وفي رواية: أُنْسِيتُها
رواه البخاري في صحيحه، انظر صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري (5/312) كتاب الشهادات ح: 2655، و(8/702-705) كتاب فضائل القرآن ح:5037،5038،5042، و(11/140) كتاب الدعوات ح: 6335، ورواه مسلم في صحيحه، صحيح مسلم بشرح النووي كتاب صلاة الْمسافرين، باب الأمر بتعهد القرآن (6/75)، وأبو داود في سننه: كتاب الصلاة - باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل (2/37) ح: 1331، وفي أول كتاب الحروف والقراءات (4/31) ح: 3970
و الحديث يدل علي ما يلي :
1- حفظ الله لكتابه و هذا بأنه لما نسي الرسول بعض الآيات قام الله بتذكيره اياها
2-أن نسيان الرسول لبعض الأيات هو نسيان مؤقت كما أن نسيانه لها ليس عيبا في تبليغه لأنه قد بلغها و قاموا بكتابتها قبل أن ينساها أذا نسيانه لها لا يؤثر في حفظ القرآن
أن روايات الحديث لا تفيد أن هذه الآيات التي سمعها الرسول من أحد أصحابه كانت قد انمحت من ذهنه الشريف جملةً، بل غاية ما تفيده أنَّها كانت غائبة عنه ثم ذكرها وحضرت في ذهنه بقراءة صاحبه، وليس غيبة الشيء عن الذهن كمحوه منه، فالنسيان هنا بسبب اشتغال الذهن بغيره، أما النسيان التام فهو مستحيل على النبي
3-أن قوله
( أسقطتها ) مفسرةٌ بقوله في الرواية الأخرى: ( أُنْسِيتُها )، فدل على أنه
أسقطها نسيانًا لا عمدًا
4- نسيان النبي و ما قيل فيه:
قال النووي: قوله
: "كنت أُنْسِيتُها" دليل على جواز النسيان عليه
فيما قد بلَّغه إلى الأمة.)
وترد هنا مسألة وقوع النسيان من النبي
، وهي الْمسألة الآتية.
مسألة وقوع النسيان من النبي
وقوع النسيان من النبي
يكون على قسمين:
الأول: وقوع النسيان منه
فيما ليس طريقه البلاغ.
فهذا جائز مطلقًا لما جُبل عليه
من الطبيعة البشرية.
والثاني: وقوع النسيان منه
فيما طريقه البلاغ.
وهذا جائز بشرطين:
الشرط الأول: أن يقع منه النسيان بعد ما يقع منه تبليغه، وأما قبل تبليغه فلا يجوز عليه فيه النسيان أصلاً.
قال النووي في شرح قوله
: "كنت أُنْسِيتُها": دليل على جواز النسيان عليه
فيما قد بلَّغه إلى الأمة)
الشرط الثاني: أن لا يستمر على نسيانه، بل يحصل له تذكره: إما بنفسه، وإما بغيره.)
وقال القاضي عياضٌ) - رحمه الله: جمهور الْمحققين على جواز النسيان عليه
ابتداءً فيما ليس طريقه البلاغ، واختلفوا فيما طريقه البلاغ والتعليم، ولكن من جوز قال: لا يُقَرُّ عليه، بل لا بد أن يتذكره أو يُذَكَّره)
ونسيان النبي
لشيء مِمَّا طريقه البلاغ يكون على قسمين أيضًا:
قال الإسماعيلي النسيان من النبي
لشيء من القرآن يكون على قسمين:
أحدهما: نسيانه الذي يتذكره عن قربٍ، وذلك قائم بالطباع البشرية، وعليه يدل قوله
في حديث ابن مسعود في السهو: إنَّما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون.)
وهذا القسم عارضٌ سريع الزوال، لظاهر قوله
: } إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ { .)
والثاني: أن يرفعه الله عن قلبه على إرادة نسخ تلاوته، وهو الْمشار إليه بالاستثناء في قوله تعالى: } سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى! إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ { ، على بعض الأقوال.
وهذا القسم داخل في قوله
: } مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا { )
وزعم بعض الأصوليين وبعض الصوفية أنه لا يقع منه النسيان في شيء أصلاً، وإنما يقع منه صورته، ليَسُنَّ.)
قال القاضي عياضٌ: وهذا تناقض مردودٌ، ولم يقل بِهذا أحد مِمَّن يقتدى به، إلا الأستاذ أبو الْمظفر الإسفراييني) من شيوخنـا، فإنه مال إليه ورجحـه، وهو ضعيفٌ متناقض
------------------------------------------------------------
و الخلاصة في أمر القرآن هو المقولة التي نرددها دائما ( أن الله أوكل حفظ كتبه السابقة الي البشر فلم يحفظوها بل وقاموا بتحريفها لذلك قام هو بالتعهد بنفسه بحفظ القرآن)
قال تعالي في سورة الحجر
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)
و في الحديث الذي رواه مسلم عن النبي فيما يَحكيه عن الله
أنَّه قَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ، وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ الْماءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ)
فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالْماء
مسلم في الصحيح كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها بَاب الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ (17/198) ح 2865، وأحمد في مسند الشاميين (5/166) ح 17030.
في شرح قوله: لا يَغْسِلُهُ الْماءُ قال ابن الأثير: أراد أنَّه لا يُمحى أبدًا، بل هو محفوظ في صدور الذين أوتوا العلم، } لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه { وكانت الكتب الْمنزلة لا تُجمع حفظًا ، وإنما يعتمد في حفظها على الصحف، بخلاف القرآن، فإن حفاظه أضعاف مضاعفة لصحفه . النهاية في غريب الحديث والأثر
---------------------------------------
يتبع
يتبع
عدل سابقا من قبل jesus_abdallah في 27th سبتمبر 2009, 6:37 am عدل 1 مرات