إخواني وأخواتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيطان .. وسكرات الموت.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم : (( وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ )) . معقول أن أموت , غير معقول , إني مازلت صغيره على الموت , أنا في الرابعة والعشرين فقط لاشك أنني أحلم أكيد سوف سيأتي الطبيب الآن , أكيد سوف يأتي , أريد كأسا من الماء لقد جف ريقي , لماذا لا يرد علي أحد ؟ أبي وأمي , لماذا لا يسمعني أحد ؟؟
أنا أسمعك , ولا أحد غيري يسمعك , أنت , أين أنت ؟ ومن أنت ؟ أنا قرينك , أنا الشيطان , بكل روعته وجمال , أعوذ بالله منك ما هذا المزاح , لابد أن هذا كابوس وسوف أصحومنه , أعوذ بالله ؟! , أعوذ بالله ؟! الآن , الآن أعوذ بالله , الآن تذكرينها ؟!! لماذا لم تذكرينها طوال حياتك ؟ لماذا لم تذكرينها عند نزواتك ؟ الآن وأنت في سكرة الموت , الآن , أعوذ بالله ؟؟ يا للوقاحه !!
موت , أي موت ؟ , إنني مازلت صغيرة على الموت , ومنذ متى يعرف الموت صغير أوكبير ؟ إن الموت لا يعرف إلا الأجل (( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )) . الآن أرتاح منك بعدما أنهيت مهمتي , مهمتك !! ما هذا الذي تقول , ما هي مهمتك ؟ مهمتي التي بدأت منذ أن خلق الله عز وجل آدم يوم أقسم إبليس بأن يغوي بني أدم ومنذ ذلك الحين وانقسم الخلق إلى حزبين , حزب الله وحزب الشيطان .
ويحك ما هذا الكلام الذي تقول ؟ هل هوكلام جديد عليك ؟ أعذريني إنه خطأي فقد عودتك على سماع الأغاني وكل حرام , أعوذ بالله منك أنا من حزب الله , أنا أفضل من غيري كثيرا , ما أجملها من جملة أعلمها لأمثالك , انظري للذين في جهنم في الطبقة الرابعة يقولون نحن أفضل من غيرنا أهل الدرك الأسفل , وكلهم في النار , كلهم في ضلال ولا فرق بين ضلال بعيد وضلال قريب .
ولكن أنا ليس لي ذنوب أنا مسلمة , أنا ذنوبي صغيرة , لا يا رفيقة العمر إن ذنوبك عظيمة ولكني كنت أصغرها في عينيك وأزينها وأهونها : (( فزين لهم الشيطان أعمالهم فهووليهم اليوم ولهم عذاب أليم )) . وما كان لي عليك من سلطان إلا أن دعوتك فاستجبتي لي وأنا أزين الحرام . مثلا . الطبيب يعالج والمدرسة تدرس وأنا عملي أزين الحرام لابن أدم أعمل بهذا منذ فجر الإنسانيه , أمنيك وألهيك وأنسيك , إنك تطلبين الجنة مرة وأنا أطلب لك النار ألف مرة (( لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين )) .
وما ذنوبي يا رفيق الشؤم ويا عشرة الندامة : أولها وأكبرها وأحبها إلى قلبي ترك الصلاة , أنا جعلتك تؤخرينها , أنا جعلتك تؤجلينها , ثم جعلتك تهملينها , ثم أنا جعلتك تتركينها , إلى أن مات قلبك , إن العهد بين المسلم والكافر الصلاة فمن تركها فقد كفر ويا له من إنجاز , لعنة الله عليك , وهل لك غير هذا عندي ؟ غير هذا كثير وكلا منها يكفيني .
أتحداك لوأن لي غيرها , مع أنها الطامة الكبرى , مهلا مهلا, قتل الإنسان ما أكفره , سوف تموتين وأنت مسجل عليك أنك زانية أكثر من مائة مرة , أتحداك , في حياتي كلها لم أعرف رجلا أبدا , صحيح ولكن , ألم تخرجي في يوم كذا ويوم كذا إلى السوق متعطرة بعطرك الثمين , نعم وماذا في ذلك ؟ لقد شم عطرك فلان وفلان وفلان , ألم تعلمي بأنه أيما امرأة خرجت متعطرة فشم الناس عطرها فهي زانية .
ولكنه مجرد عطر : (( وتحسبونه هينا وهوعند الله عظيم )) اتريدين المزيد فوق هذا ؟ وما المزيد فوق هذا ألا يكفي ؟ لا يكفي أبدا , أنا لا أريد لك دخول جهنم فقط بل أريدك في الطبقات السفلى منها , لعنة الله عليك , لعنة الله عليك , ما أشد حقدك على ابن أدم . وماذا جنيت أيضا ؟
عليك إثم فلان , وفلان , وفلان , والقائمة طويلة , كذبت فأنا لا أعرف منهم أحد , فكيف أحمل إثمهم ؟! معقول , ما أشد نسيانك ؟ أنسيتي يوم كذا ويوم كذا , خرجت بعباءة ضيقة ومتمايلة ومتبرجة ويومها حلت عليك اللعنة في السماوات والأرض وفتنتي فلان , وفلان , وفلان من عباد الله وفتنتهم بك من نظرة إليك , بل أفسدت توبة بعضهم وطبعا لك ذنوبا مثل ذنوبهم . قال الله تعالى : (( وتحسبونه هينا وهوعند الله عظيم )) . ما أشد حساب الله عزوجل , أنت نار أنا أشعلتها ,. أنت سهم أنا رميته أصيب بك عباد الله لا,. سأتشهد لعلي أموت على الشهادة : (( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربي ارجعون )) .
إنها أقدم كلمة سمعتها من أمثالك , هيهات هيهات لوكان قبل اليوم ولكنها الآن أثقل من الجبال على لسانك , أتحداك أن تنطقينها , آن الأوان لكي نفترق لقد صاحبتك منذ صغرك وذهبت معك كل مكان إلا القبر , فاذهبي إليه وحدك وليظلم عليك وحدك وليضم عليك وحدك , لعنة الله عليك أفسدت علي الدنيا والآخرة , ألا إنهم قادمون , من ؟ , أهلي , أهلي .
ويلك هذا يوم لا ينفع فيه الأهل , انظري جيدا إن الرعب بعينهم , إنهم ملائكة العذاب معهم حنوط من نار ما أنتن ريحه , ألم يكشف عنك غطاءك بعد , قال الله تعالى : (( لقد كشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )) . إنهم يقولون أخرجي أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى غضب وسخط من الله عز وجل : (( ولوترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون )) .
أختاه : واحد سنتيمتر من قلبك فقط اجعليه لله , ساعة واحدة فقط من وقتك ومن يومك للصلاة , أختاه من يكون معك في كل وقتك ؟ ومن تلجئين إليه في كل أمرك ؟ من سيكون معك عند وفاتك ؟ من سيكون معك في قبرك أنت والظلام وهو ؟ من يكون معك في المحشر ومن سوف يكون معك هناك على الصراط , هناك فوق جهنم وهي تحتك تستعر ويملأ أذنيك صوتها وصوت من يصرخ فيها , وهي تشتاق إليك ؟ هناك الله وحده وسوف تنادين : يارب وما أحلاها من كلمة لوكانت في الدنيا , لوتعرفتي على الله عز وجل والله لتعيشين في سعادة .
هل الملتزمين والملتزمات يعيشون في حزن وشقاء ؟ والله إنني أعلم أناس إذا جاء الليل خرجت منهم الآهات شوقا لله ويمنون أنفسهم بالنظر إلى جمال وجهه يوم القيامة .
أختاه : ألا تعلمين أن الله عز وجل مشتاق إليك وإلى توبتك , نعم أنت فلانة بنت فلان , الله بجلاله وحنانه مشتاق إليك , إلى متى قسوة القلب هذه على الله ؟!! لوعلمتي مدى شوقه إلى توبتك وفرحه برجوعك لذوبتي إليه شوقا , والله لتذوبين شوقا إليه ولا تعجبي وأعلمي أنه بينك وبينه , توبة أربعة حروف , فقط , أربعة حروف وتدخلين دنيا لم تدخلينها من قبل , دنيا عجيبه , ولا تملي توبي ثم توبي ثم توبي وابدئي الآن وصلي أول فرض يمر عليك وقولي لنفسك كفى اليوم سأغير حياتي , اليوم سأعود إلى الله (( ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق )) .